أوس الكرخي أعلامي |
في الماضي القريب كان للعرس البغدادي نكهة خاصة يتمتع بها البغداديون فقد كان مثالا رائعا للارتباط الاجتماعي الوثيق بين مكونات المجتمع إنه على الرغم من تنوعه الديني والمذهبي والطائفي والعشائري كان يمثل أروع صور التلاحم والتآلف الاجتماعي . فما أن يتبادر إلى الذهن لفظة (عرس بغدادي) حتى تتشكل لدية جملة من الصور والذكريات تبدأ باختيار العروس المناسبة وهذا الأمر يقع على عاتق والدة العريس والتي بدورها تكلف إحدى مشاهير الطرف كـ (الدلالة) أو(القابلة) بالبحث عن العروس المناسبة لأبنها فتقوم
بعلاقاتها الواسعة بالبحث في تلك البيوتات القديمة عن (بنت القبة والليوان) فما أن تجد مرادها حتى تبدأ بسرد مزايا العريس وتفرط في مدحه ووصفه بالأوصاف الحسنة والجيدة. وكذلك تفعل مع أم العريس فتظهر البنت بأحسن صفاتها فما أن يتم القبول حتى تأخذ أم العريس وعدد من قريباته للاتفاق على الخطوط العريضة مع أهل العروس بعدها يأتي دور الرجال الشكلي فيجتمع أقارب العريس مع مختار المحلة وإمام الجامع (الملا) ويذهبون إلى بيت العروس لقراءة الفاتحة بعد أن يقوم (الملا) بسؤال العروس وسماع موفقتها بنفسه وتبدأ النساء بالزغاريد (الهلاهل) إيذانا بانتهاء فترة العزوبية وبدء مرحلة جديدة مبنية على المودة والوئام والتكاتف من أجل بناء مستقبل لهم ولأولادهم.شط العرب وفي يوم آخر يتفق أهل العروسين على الخروج إلى سوق (شارع النهر) لشراء (الذهب) المتفق علية مسبقاً وبعض الملابس و(عباية) جديدة كما يقصدون سوق (الصفافير) القريب من شارع النهر فيشترون الأواني المعدنية الخاصة بالمطبخ والحمام كالـ (صفر طاس) و(الصفرية) و(السلبجة) وغيرها من الأدوات المنزلية المهمة والتي لا غنى عنها في بيوت بغداد القديمة في هذه المرحلة تبدأ قصة العداء الأزلي بين (العمة) و(كنتها )الجديدة، فتبدأ ألـ (كنة) بسقف عالٍ من الطلبات بينما تحاول (العمة) أن تقلل من أهمية الطلبات لسببين الأول محاولة التقليل من التكلفة والثاني والأهم إنها تريد فرض سلطتها وسيطرتها من بداية الطريق فتحدث بعض المشاحنات تنتهي غالباً على خير، وفي يوم (المهر) وهو مخصص للنساء تقوم العروس مع قريباتها بتهيئة كاسات المهر وهي على نوعين الأول عبارة عن ظرف ورقي أو منديل ملون فيه أنواع المكسرات من تلك التي يزدردها الفقراء لرفض ثمنها عموماً والنوع الثاني وهي كاسات وأواني صغيرة فيها بعض المكسرات باهظة الكلفة توزع مع الدعوات بين المدعوين فتبدأ الليلة بمدح النبي عليه الصلاة والسلام بصوت (الملاية) وأما ما خصص للرجال فهو يوم الحنة الذي يسبق يوم الزفاف وفيه يأتي دور أصدقائه وأقاربه بالتحضير لتلك الليلة يحضر وجهاء الحي وشبابه وصبيانه واللافت للنظر لهذه الليلة ما يعرف بـ (صينية الحنة) وتتكون من خمسة إطباق يوضع فيها مادة الحناء وبعض المكسرات والحلوى (حلاوة الزرده) و(جكليت ومصقول) تحفها ثلاث (تنك) فيها نبتة ألـ (ياس) ذو الرائحة العطرة تلفها مجموعة من الشموع ووسط الأهازيج والأغاني يقوم الأصدقاء بوضع الحناء على أيديهم بعد ما وضعوها على أيدي العريس وعادة ما تنتهي الليلة في وقت متأخر لان الوليمة تتأخر إلى آخر الليل.إن يوم الزفاف يختلف من منطقة إلى أخرى فكل له عاداته وتقاليده وبما إنني أتحدث عن بغداد القديمة فلا فرق بين مناطق الكرخ والرصافة فكلها لها صيغة احتفال واحدة وهي انه عند بلوغ ظهيرة يوم الزفاف يحجز الشباب الحمام (حمام السوق) فيغتسلون وسط أغاني وأهازيج وفرح غامر يملا قلوبهم فيذهبون ويلبسون أجمل ما لديهم من الثياب ويتعطرون بماء الورد والإيف دور ويشربون الشاي والحامض والدارسين يتوجهون بعدها يصحبهم (المزيقة والطبل) إلى بيت العروس لكي يأخذها إلى بيت الزوجية وسط فرحة غامرة لأهل (الطرف).
إن ما ذكر بين الأقواس ليس بغريب ولا عجيب فهذه ببساطة هي عادات وتقاليد المجتمع البغدادي الأصيل بأصالة مدينته وتاريخها العريق كما إنه بمثل مرونة وحياء وعفة المجتمع البغدادي آنذاك ويمثل روح التآلف والمشاركة وكما يبدو جليا في يوم (السبعة) أو (الوكعة) حيث تنهال الهدايا من كل حدب وصوب على العروسين وهذه أيضاً لها تسمية مهمة وهي (الفضل)، لقد سميت الأشياء بمسمياتها حفاظاً على الموروث الثقافي والاجتماعي والحضاري البغدادي والذي امتاز به البغداديون على مر العقود الماضية.
بعلاقاتها الواسعة بالبحث في تلك البيوتات القديمة عن (بنت القبة والليوان) فما أن تجد مرادها حتى تبدأ بسرد مزايا العريس وتفرط في مدحه ووصفه بالأوصاف الحسنة والجيدة. وكذلك تفعل مع أم العريس فتظهر البنت بأحسن صفاتها فما أن يتم القبول حتى تأخذ أم العريس وعدد من قريباته للاتفاق على الخطوط العريضة مع أهل العروس بعدها يأتي دور الرجال الشكلي فيجتمع أقارب العريس مع مختار المحلة وإمام الجامع (الملا) ويذهبون إلى بيت العروس لقراءة الفاتحة بعد أن يقوم (الملا) بسؤال العروس وسماع موفقتها بنفسه وتبدأ النساء بالزغاريد (الهلاهل) إيذانا بانتهاء فترة العزوبية وبدء مرحلة جديدة مبنية على المودة والوئام والتكاتف من أجل بناء مستقبل لهم ولأولادهم.شط العرب وفي يوم آخر يتفق أهل العروسين على الخروج إلى سوق (شارع النهر) لشراء (الذهب) المتفق علية مسبقاً وبعض الملابس و(عباية) جديدة كما يقصدون سوق (الصفافير) القريب من شارع النهر فيشترون الأواني المعدنية الخاصة بالمطبخ والحمام كالـ (صفر طاس) و(الصفرية) و(السلبجة) وغيرها من الأدوات المنزلية المهمة والتي لا غنى عنها في بيوت بغداد القديمة في هذه المرحلة تبدأ قصة العداء الأزلي بين (العمة) و(كنتها )الجديدة، فتبدأ ألـ (كنة) بسقف عالٍ من الطلبات بينما تحاول (العمة) أن تقلل من أهمية الطلبات لسببين الأول محاولة التقليل من التكلفة والثاني والأهم إنها تريد فرض سلطتها وسيطرتها من بداية الطريق فتحدث بعض المشاحنات تنتهي غالباً على خير، وفي يوم (المهر) وهو مخصص للنساء تقوم العروس مع قريباتها بتهيئة كاسات المهر وهي على نوعين الأول عبارة عن ظرف ورقي أو منديل ملون فيه أنواع المكسرات من تلك التي يزدردها الفقراء لرفض ثمنها عموماً والنوع الثاني وهي كاسات وأواني صغيرة فيها بعض المكسرات باهظة الكلفة توزع مع الدعوات بين المدعوين فتبدأ الليلة بمدح النبي عليه الصلاة والسلام بصوت (الملاية) وأما ما خصص للرجال فهو يوم الحنة الذي يسبق يوم الزفاف وفيه يأتي دور أصدقائه وأقاربه بالتحضير لتلك الليلة يحضر وجهاء الحي وشبابه وصبيانه واللافت للنظر لهذه الليلة ما يعرف بـ (صينية الحنة) وتتكون من خمسة إطباق يوضع فيها مادة الحناء وبعض المكسرات والحلوى (حلاوة الزرده) و(جكليت ومصقول) تحفها ثلاث (تنك) فيها نبتة ألـ (ياس) ذو الرائحة العطرة تلفها مجموعة من الشموع ووسط الأهازيج والأغاني يقوم الأصدقاء بوضع الحناء على أيديهم بعد ما وضعوها على أيدي العريس وعادة ما تنتهي الليلة في وقت متأخر لان الوليمة تتأخر إلى آخر الليل.إن يوم الزفاف يختلف من منطقة إلى أخرى فكل له عاداته وتقاليده وبما إنني أتحدث عن بغداد القديمة فلا فرق بين مناطق الكرخ والرصافة فكلها لها صيغة احتفال واحدة وهي انه عند بلوغ ظهيرة يوم الزفاف يحجز الشباب الحمام (حمام السوق) فيغتسلون وسط أغاني وأهازيج وفرح غامر يملا قلوبهم فيذهبون ويلبسون أجمل ما لديهم من الثياب ويتعطرون بماء الورد والإيف دور ويشربون الشاي والحامض والدارسين يتوجهون بعدها يصحبهم (المزيقة والطبل) إلى بيت العروس لكي يأخذها إلى بيت الزوجية وسط فرحة غامرة لأهل (الطرف).
إن ما ذكر بين الأقواس ليس بغريب ولا عجيب فهذه ببساطة هي عادات وتقاليد المجتمع البغدادي الأصيل بأصالة مدينته وتاريخها العريق كما إنه بمثل مرونة وحياء وعفة المجتمع البغدادي آنذاك ويمثل روح التآلف والمشاركة وكما يبدو جليا في يوم (السبعة) أو (الوكعة) حيث تنهال الهدايا من كل حدب وصوب على العروسين وهذه أيضاً لها تسمية مهمة وهي (الفضل)، لقد سميت الأشياء بمسمياتها حفاظاً على الموروث الثقافي والاجتماعي والحضاري البغدادي والذي امتاز به البغداديون على مر العقود الماضية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق