newsfeed

المشروع الثقافي .. وصراع الديكة

المشروع الثقافي .. وصراع الديكة..
حيدر عبدالخضر
كاتب و صحفي


حيدر عبد الخضر 

كاتب وصحفي



لعل المتتبع لخارطة المشهد الثقافي والإعلامي العراقي قد لاحظ بروز مجموعة من الصحف التي تهتم بالشأن الثقافي تحديدا وان كانت شحيحة يضاف إليها تخصيص  صحف يومية وأسبوعية وفصلية  لصفحة أو صفحتين تسلط الضوء على مجمل النشاط الأدبي في الشعر والقصة والنقد والعمود الصحفي والسينما والمسرح ومختلف أوجه النشاط والفعاليات الأدبية .

ولعل معظم من يكتبون  أو يساهمون في تلك الصفحات يؤمنون بأنهم يؤدون رسالة إنسانية ويسعون الى إنضاج وتفعيل المشروع الثقافي الذي هو جزء مهم ومؤثر على خارطة البناء والتغيير .

ولكن اللافت للانتباه إن تلك الكتابات سرعان ما تتحول الى مهاترات وصراعات لاشأن لها بالمشروع الثقافي لامن بعيد ولا من قريب فالأباطيل والاتهامات والادعاءات المتبادلة بين هذه الأطراف لا تعكس إلا صورة مشوهة وباهتة عن الواقع الثقافي لان تلك المهاترات لا تسمن ولا تغني عن جوع وهي لا تخدم أي توجه أو مشروع ثقافي  وحتى أنها قد تسيء الى بعض الأسماء والرموز الثقافية التي لها حضورها وحضوتها في الشارع الثقافي ،وقد يقول البعض إن تلك الجدالات حالة صحية تعبر عن روح وجوهر الديمقراطية عبر طرح الرأي والرأي الآخر ونحن نتفق معه في هذا الجانب .. ولكننا نختلف من حيث المبدأ فأي حوار أو جدال ينبغي أن يكون موضوعيا وشفافا بعيدا عن التشنج والتجريح وخال من عقد التهميش والإلغاء ومصادرة الرأي وان يكون هادفا يحمل في توجهاته قيمة معرفية وثقافية وبذلك يتحقق الهدف

والخطاب النبيل الذي تسعى جميع الأطراف الى تكريسه لا أن تتحول صفحاتنا الثقافية الى ساحة لصراع الديكة وتصفية الحسابات وإسقاط الآخرين وتسفيه منجزاتهم ومنهم من يتخذها وسيلة للبروز والقفز على أكتاف غيره دون أن يسعى بصدق وجدية الى تطوير مشروعه الشخصي وإنضاجه بصورة لا يسيء فيها الى نفسه ولأقرانه ومن سبقه من الأدباء والكتاب .. وبذلك فما هو اختلافنا عن الآخرين ونحن دعاة التنوير واحترام الحقوق وصيانة الحريات وصانعو الجمال .. يضاف الى ذلك إن تلك الصراعات والجدالات تتحول من نسقها الثقافي الى النسق الاجتماعي عبر التدخل في الحياة الاجتماعية والشخصية للآخرين وذكر معلومات وتفاصيل

محرجة وحساسة خارجة عن اللياقة الأدبية والذوق العام وبذلك يبدأ التراشق بالتهم والألفاظ المخجلة والعبارات البذيئة ويتحول الفضاء الثقافي الى فضاء ملوث بالسباب والشتم ،يعبر في مجمله عن ذوات مريضة وفصامات شخصية حادة لا شان لها بعالم الثقافة والأدب بل أنها وجدت في هذا العالم ضالتها في ممارسة عقدها و إسقاط احباطاتها على الآخرين والتي تعتقد بانه احد أسباب فشلها في نيل ما تصبوا اليه كما تعتقد بان إساءتها الى هذا الطرف اوذاك سيعززمن مكانتها الإبداعية والثقافية وهذا هو الفهم الساذج والمغلوط الذي يوقع صاحبه في مطبات كثيرة قد تفسد الى حد كبير سيرته وحياته الأدبية وتجعله ينشغل بتوافه الأمور دون الالتفات الى المعايير الإبداعية والجمالية والتي تمثل الوجه الحقيقي والناصع للرسالة الانسانية

التي يسعى كل مثقف الى تكريسها بعيدا عن الاحتقان والمنافسة السلبية التي لا تخدم أي طرف ولا سيما في هذه المرحلة الحساسة والمهمة والتي تتطلب تكاتفا كبيرا من جميع الاطراف خدمة للعملية الثقافية والابداعية وللصالح العام .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق