newsfeed

لأني أُحبكِ صديقتي

لأني أُحبكِ صديقتي 


أيلاف طارق 


أهدتْ صَديقَتَها مُفكرةً جديدةً ، بمُناسبةِ وقوعِهَا في الحبِ ، وكتبتْ فيها ؛ لأنَّي أُحبُّكِ ياصديقتي المُقرَّبَةِ ، دَوَّنتُ لكِ الآتي : - نغمةُ الرسائلِ دَعِيهَا صامتةً كصمتِ منزلٍ مهجورٍ ؛ كي لا توخزُكِ أبرةُ اللهْفَةِ ،كلَّما نَطقَ وتعتادينَ عليها ، أخافُ عليكِ صديقتي مِن أمورٍ مبهمةٍ وأنتِ تكتبينَ رسائلَ نصيَّة له ، لا تَهْتِفي فيها كلَّ مشاعرِ الحبِ المدمِّرةِ لِشخصكِ الجميل ، اللحظاتُ الجميلةُ لا تدونيها كتواريخَ في سجِلِ الذكرياتِ ثم تذكرينهنَّ وتحتفلينَ بِهنَّ كأنَّها أعيادُكِ الخاصَّة ، لربَّما يأتي يومٌ تتمنينَ لو أنَّ بامكانكِ مسحُها وكأنَّها كُتبْنَ بقلمٍ رصاصٍ قابلٍ للنسيان .
في الليل لا تَفتحي نافذةَ الحنينِ ، أخافُ عليكِ مِن هواءٍ باردٍ فتصابين بانفلاونزا الشوقِ وتمرضي كالحمقاء ! . لا تجعليهِ حديثَكِ وحديثَ صديقاتِكِ اللواتي مُعضَمهنَّ يُخفيْنَ كيداً عظيماً ، ربُّما سينقصُ حديثَكِ ذاتَ يومٍ ، فتصيبن بحمى الصمتِ . لا تبالي لنوعِ العطرِ الذي يَضعُهُ في كلِّ لقاءٍ وتتنفسيه بحبٍ كي لا يجري في دَمكِ كالكُريَّاتِ الحَمْراءِ ،فتصبك جرثومةَ عطْرِ شَخصٍ غريبٍ ِ أخافُ أنْ تصيبها فيما بعد جرثومة عطر شخص غريب ذات يوم ، فتستسلمي لوباء الحنين المميت . دعيهِ يشعرُ بأنَّ وجودَهُ مُهِمٌ كالأوكسجين الذي تتنفسينَهُ ، لكنَّكِ لنْ تموتي إذا ما غابَ عنكِ يوماً ، فالحياةُ تنتظرُكِ لِتتربعي على عرشِ السعادةِ القادمةِ مع شخصٍ غيره . لا ... وألف لا ، لا تسرقي ساعَتَهُ أو وِشاحَهُ الشِّتوي أو ربما قبَّعتَهُ الصَّيفيَّة وتضعِيهَا بينَ ملابسكِ الأنيقةِ والمرتَّبةِ ككنزٍ ، رُبَّما ستحتاجينَ ذاتَ يومٍ أن ترميَ بها بعيداً ، بخيبةٍ متوَّجةٍ على رأسكِ المُتعبِ ! . يا صديقتي أخافُ عليكِ ، فالحبُ في حاضِرنا المريضِ مُجرَّدُ لحظاتٍ عابرةٍ ، مُلطَّخةٌ بالأنانيَّةِ المُفرِطةِ والكِبرياء الحقير والشك المُختبئ تحتَ مِعطفِ الثقةِ ، ولا أنسى الخديعة القادمة بهيئة رجل طيب . ( سألتْهَا مريمُ بِدهشةٍ) وهل يسمَّى هذا حبٌ ؟!! دون لهفةٍ دون حنينٍ دون تدوينٍ لتواريخَ مُميَّزةٍ ، ولِمَ لا يُسمَّى حُبٌ!! ، فالحبُ يخذع للتطور ، شأنهُ شأنُ أساليبَ الحياةِ ، والتي تتطور بحاجةِ البشر إليها ؛ لذلك من واجب الحبِ أنْ يتطورَ مِن كلِّ الجوانب ، ومِن بينها أنْ تضعيَ لنفسكِ قواعدَ كي تتجنبي سلبياتَهُ . يا صديقتي ادخُلي كبيرة ، وعيِّشيهِ كأنَّهُ الحدثُ الأخيرُ في حياتكِ ، واخرجي منهُ أميرةً متوَّجةً بِتاجٍ مُرصَّعٍ بثقةٍ كاملةٍ ، بأنَّكِ لم تخسري ، من أينَ لكِ كل هذا؟؟ .. (أجابتْهَا مبتسمةً) ثمَّةَ تجاربَ مفيدةُ ، ذاتَ نتائج مُكلِفةٍ ، والنتيجة هي ضَياعُنا ! . دعيني اخبِّرُكِ قصةً فاتنةً جميلةَ القَوامِ ، فاتنةَ الابتسامةِ ، كانتْ محظوظةً عندما تزوجتْه رجل يحبها وتحبه ، وانجبتْ منهُ ثلاثةَ أطفالٍ ، سافرتْ معه إلى أجملِ بلدانِ العالمِ ، وفي كلِّ مرةٍ ، تعودُ بحقائبَ مليئةً بالسعادةِ ، والفرح ، وحديثها لا يخلو منه ... أ تعلمين كيف ..وأين . ومتى؟؟ في أحلامها المزيَّفة يا مريم !!.. تلك التي اختارتْهُ ؛ لتكملَ قصةً رفضتْ تَقبُّلِ فكرة بأنَّ رَجلَها الذي أحبتْهُ ، تخلى عنها عند أولِ رفضٍ لزواجهما من قِبَلِ والديها !! تقبَّلتْ الفكرةَ ، عندما علِمتْ بأنَّه تزوجَ ، وأنَّها واهمةٌ .. فظلتْ أسيرةً لذكرياتِها وتواريخِهَا الجميلةِ . ويحدث أنْ تصحيَ مِن صفعَتكِ الأولى ، بصفعة أخرى ، تعيدكِ مكسورةَ الجناحِ ! وهل يَجبُ أن أصدِّقَ بأنَّ قصةً فاتنةً وحدَهَا علمتْكِ كلَّ هذا ؟! (بضحكةٍ أجابتْها) يا صديقتي الذكيَّة أعترفُ ، بأنَّها لم تكنْ كافيةً ؛ لتُعلمَني كل هذا ، فمثلاً : لديَّ سرٌ حَدَثَ منذ سنةٍ ونصف تقريباً .لا أعلمً هل هو حقيقيٌ أم وهمٌ ؟ مازال يشغلُني إلى الآن . ما رأيكِ لو ِأخبرتني ، علَّني أستطيعُ أنْ أُبينَ وأميِّزَ إذا ما كان حقيقيٌ أم وهمٌ ؟! ( توجهتْ لي) (بضحكةٍ ساخرةٍ) هل تريدينَ معرفتَهُ لمساعدتي أم لتسكِّتي فضولكِ الجائعِ ؟! (تضحك هي الأخرى قائلةً ) كلاهما يا صديقتي كلاهما . ذات صباحٍ سرتُ في شارعٍ لأستنشق عبير الحياة الذي لم أستنشقه منذ مدةٌ بحثاً عن من يرتبُ لي أوراقي المبعثرة ، ويكسِّرَ لي صمتي بفأسٍ الإرادة والأمل ؛ ليخرجني من عُزلتي بابتسامةٍ أطيرُ بها وكأنِّي يمامةٌ في فضاءِ الحياة دون قيودٍ دون حسرةٍ أو دون حبٍ كالذي أضاعني . دخلت المقهى فإذا بصوت عَذْبٍ نعمْ أنَّها فيروز استقبلتني بأحضانها وهي تقول : أنا لحبيبي .. وحبيبي لألي ، يا عصفورة بيضاء لا بئى تسألي . حاولت عدم انصاتها ودفعتُها بعيداً ، لكنَّها أبتْ إلا أن تعانقني ، وأجلستْني على طاولةٍ ، فصرختْ أنثى كانتْ صامتةً في داخلي : أي ، هذا الذي تتحدثين عنه ؟! وأي عصفورةٍ بيضاء؟! حبيبي خدعني ... خدعني يا عصفورتي البيضاء ، أخذتُ أطالعُ وجوه الحاضرين ، وأُخمِنُ تقاسيمهم ، منهم المُتعَب ، ومنهم السعيدُ ، ومنهم مَنْ نثرَ حباتَ أملٍ بانتظار مَوسمٍ نموِّها ، ومنهم من يرسمُ بدخان سجائرهِ أحلاماً جميلةً ، فيسألها متى الحقيقةُ ؟؟ فتتلاشى تلك الأحلام بعيدةً ، حتى وقع عيناي على صبيةٍ تجلسُ على طاولةٍ ، وكأنَّها منسيَّةٌ أو كأنَّها لم تكنْ موجودةً ، أرسلتْ لي ابتسامة جميلةً كعينيها السوداويتينِ ، فابتسمتُ لها مجاملةً وأكملتُ جولتي في استكشاف الحاضرين ، ومازالتْ تلك الأنثى في داخلي ، تقلِّبُ أغنية فيروز بغضب! فجأة قاطعتْني قائلةً _ (وهي تسحب المقعد المجاور ل(وهي تسحب المقعد المجاور لتجلس):هناك حبٌ كالفصور الأربعة ،يبدأ ربيعاً تتبرعم فيه الاحاسيس والمشاعر ،ويحتلُ فيه الحبُ مساحتةٌ خضراء واسعةً،فيتحولُ صيفاً،حيث تبلغُ فيه الاحاسيس والمشاعر ذروتها ،فتتحولُ البراعم الى زهور جميلة تزين أغصانَ الحب ثم يصبح خريفا"،فتتساقط اوراقها كأوراق الاشجار في الخريف،فتصبح أغصانُها متيبسةٌ ،تتلاعبُ بها عواصفُ الشتاء وثلوجه البيضاء .هو نفسه الحب الذي يستوُطنكِ خرابه،ودمارهُ،تعيشين تحت رحمة الذّكريات والآمال المزُيفة..هذا الحب الذي تعطينهُ أكبر من حجمهِ،رُغمَ صغرهِ ،اجعليه درساً من دروس مدرسةِ الحياة ،فشلتي فيه ،لكنكِ وصلتي إلى نتيجة تؤهلكِ لاجتياز القادمِ في كل الاختباراتِ مهما كانت صعبة . فالحب أكبر مدمرٍ وفي نفس الوقت أكبر معمرٍ! أخذتني الدهشةُ !! لاسرح بعيدةٌ كلّ البعد في كلّ كلمة قالتها؛لاخرج بنتيجة بأنْ تعلمت الكثير من قصتي..من خيبتي..ومن صفعتي المؤلمة! -من تكونين ؟!(سألتها حالمة أكتفيت من سرحاني في كل كلمة قالتها) فلم أجدها!! بحثت ُعنها في أرجاء المقهى ،سألتُ النادلَ عنها فلم يعرفها !! ومازلتُ حتى الأن اتسأل من هي ؟ من تكون؟ هل هي بشرٌ أم وهمٌ؟ أو ربّما تكون نفسي التي اضاعتني في دوامت الحب ؟؟ وضعتُ يداي في جيب معطفي،وأخذت أتنفس الحياة باشتياق،ماأن خرجت من المقهى ،حتى بدأتْ فيروز تغني (في أمل اوأت بيطلع من ملل..في أمل ..أي في أمل وأوأت بيطلع من شي حنين في لحزات دا يخفف من زعل) النهاية ِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق